واشنطن- في سباق انتخابي يصعب توقّع مآلاته، وبينما يترقب الجميع اسم المرشح لنائب الرئيس الذي ستضيفه كامالا هاريس إلى بطاقة ترشيحها، يلقى منافسه الجمهوري جي دي فانس -منذ تسميته- انتقادات بسبب مواقفه “المتطرفة” والمتضاربة بشأن ملفات عدة، كان آخرها الجدل الذي سببته تصريحات سابقة له وصفت “بالتمييزية” ضد النساء اللاتي ليس لديهن أطفال.
وينقسم الجمهوريون في موقفهم بشأن سيناتور أوهايو، إذ لمّح بعضهم إلى أن الرئيس السابق دونالد ترامب كان غير موفق في اختياره، وأنه كان من الأجدر أن يختار امرأة أو مرشحا من ذوي البشرة السوداء، لجذب عدد أصوات أكبر من خارج قاعدة مؤيديه التقليديين.
وتحدثت وسائل إعلام أميركية عن احتمال “ضئيل لكنه ممكن تقنيا” مفاده أن يتخلى ترامب عن فانس في اللحظات الأخيرة، مشيرة إلى أنه ربما “اتخذ قرارا متسرعا” بسبب التوتر وعدم التركيز الناتج عن حادثة محاولة اغتياله، كما وصفه البعض بأنه “نادم على اختياره”، خاصة بعد تغير ملامح المنافسة منذ انسحاب جو بايدن واستبداله بهاريس.
وبينما لا يخفي ترامب إعجابه بالرجل ويدافع عنه في كل المناسبات، أوضح بعض المقربين من حملته الانتخابية -للجزيرة نت- أن فانس في حاجة لمزيد من النضج السياسي، وأن على ترامب أن “يقرص أذنيه” ليحسّن من أدائه ويخدم الحملة بشكل أفضل.
JD Vance says women who haven’t given birth are “childless cat ladies who are miserable at their own lives” and shouldn’t be in politics because they “don’t have a direct stake” in America pic.twitter.com/Djw5CNKXcJ
— Kamala HQ (@KamalaHQ) July 25, 2024
“هدية” للديمقراطيين
من أهم الأسباب التي دعمت ملف فانس عند ترامب خلفيته الاجتماعية، فهو ينحدر من أسرة متواضعة من ولاية من أهم ولايات الغرب الأوسط الحاسمة تاريخيا في الانتخابات، وشقّ طريقه بكفاح رغم معاناته في مرحلة الطفولة.
لكن استطلاع رأي لشبكة سي إن إن/إس إس آر إس، أوضح أن نسبة شعبيته في هذه الولايات، وهي أوهايو وإلينوي وإنديانا وميشيغان، متراجعة جدا، فقد بلغت نسبة الناخبين المسجلين الذين لديهم وجهة نظر إيجابية بشأن فانس 28% فقط، بينما ينظر إليه 44% نظرة سلبية.
ووصف تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، جي دي فانس بأنه “أفضل ما قدّمه ترامب للديمقراطيين”. وأضاف خلال مقابلته مع قناة سي بي إس “أنا أعرف ترامب جيدا. إنه الآن نادم، ويحكّ رأسك متسائلا: لماذا اخترت هذا الرجل؟”.
ولم يتردد بعض الجمهوريين المعارضين لترامب في انتقاد اختياره للمرشح لمنصب نائب الرئيس، ومنهم آدم كينزينجر، النائب الجمهوري السابق عن ولاية إلينوي، الذي وصف اختيار ترامب لفانس بأنه “سيئ للغاية”، واستبق -في تدوينة له على منصة إكس- الحجة التي يمكن أن يتذرّع بها إذا رغب في تغييره فكتب “يمكنه أن يقول إنه إذا كان الديمقراطيون غيروا مرشحهم فيمكنني أن أفعل ذلك أيضا”.
وعقّب توماس غاريث، وهو نائب جمهوري سابق، على هذا النقاش متحدثا للجزيرة نت “بغض النظر عن موقفي الشخصي من خلفية فانس، فلا يهم أبدا رأيي أو رأي أي شخص آخر، المهم هو رأي ترامب شخصيا في فانس، وهو حاليا مقتنع به تماما وأظن أنه أخذ الوقت الكافي لاختياره”.
وأكد غاريث أن أي شخص آخر كان سيختاره ترامب كان سيكون محطّ انتقادات وهجوم من وسائل الإعلام الوطنية، خاصة تلك “المعروفة بمحاباتها لليسار”.
تضارب في المواقف
حتى آخر اللحظات في الطائرة التي نقلت ترامب إلى مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلواكي، ظل عدد من المانحين الكبار -حسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست- يحاولون إقناعه بتغيير اسم جي دي فانس، لما يمكن أن تتسبب فيه مواقفه السابقة من تأثير على حملة ترامب.
وبينما يصرّ ترامب على أن استبدال بايدن بهاريس لم يؤثر على السباق ولا على اختيار فانس، بحجة أن المرشحة الجديدة تتحمل مسؤولية “الاستياء العام” من قيادة بايدن وأنها أسوأ منه، سرّبت صحيفة واشنطن بوست تسجيلا خاصا لفانس يؤكد فيه لمتبرعين خلال حملته نهاية الأسبوع الماضي بمينيسوتا أن هذا التغيير كان “ضربة سياسية مباغتة”، وأن كامالا هاريس “أقل ضررا من بايدن”.
ويرى يحيى باشا، وهو ناشط سياسي وفاعل بحملة ترامب في ولاية ميشيغان، أن فانس -الذي لا يتجاوز عمره 40 عاما- أمامه وقت لينضج سياسيا أكثر. وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن فانس “رغم تمتعه بروح وطاقة شبابية مذهلة، يجب عليه أن يتّزن أكثر وأن يحاول بذكاء تقليص الهوّة بين مواقفه القديمة والحالية”.
ويجزم باشا أن ترامب لن يتخلى عن فانس، وأن التكهنات بشأن احتمال تغييره مستبعدة تماما. لكنه في المقابل، يتوقع تحسّن أدائه تدريجيا في المستقبل وأن ترامب سـيكون مضطرا إلى “قرص أذنيه” ليكون مساعدا له في حملته لا عبئا عليه.