تعز- يواجه القطاع الصحي في اليمن واحدة من أصعب المراحل نتيجة التراجع الحاد في تمويل المرافق الطبية في بلد يعاني من تداعيات حرب مستمرة منذ نحو 10 سنوات.

يأتي ذلك مع استمرار أزمة مالية حادة تواجهها الحكومة اليمنية جراء توقف تصدير النفط منذ نحو عامين، وتواصل الخسائر البشرية والمادية الكبيرة جراء السيول التي ضربت خلال الأيام الماضية محافظات عدة، مما قد يفاقم الوضع الصحي الصعب.

وأمام هذه التحديات، أوضح وزير الصحة العامة والسكان اليمني قاسم بحيبح -في حوار مع الجزيرة نت- أن تراجع التمويل الدولي أثر بشكل سلبي على الوضع الصحي والغذائي، وباتت حياة الكثير من الأطفال والنساء مهددة.

وحذر من أن تراجع التمويل قد يتسبب في إغلاق قرابة 1000 مركز صحي، مع انعدام خدمات التحصين والتغذية ورعاية النساء الحوامل. وكشف بحيبح أن نصف أطفال اليمن تحت سن 5 سنوات يعانون حاليا من سوء تغذية مزمن.

وفيما يلي نص الحوار:

معالجة طفل يمني يعاني من سوء التغذية في مركز علاج بمحافظة الحديدة (الفرنسية)
  • حذرتم قبل أيام من إغلاق أكثر من مرفق صحي في اليمن جراء نقص التمويل، ما الأسباب التي أدت إلى هذا العجز المالي وكم نسبته؟

بلا شك أن تعدد الأزمات الإنسانية في المنطقة يؤثر على الأزمات القائمة، وحجم الاستجابة للأزمة الإنسانية باليمن تقلص بشكل كبير لأكثر من 60% عن العام السابق.

  • هل تتوقع أن يستمر العجز في التمويل؟ وفي حال تواصل الوضع المالي على ما هو عليه، ما الخيارات الحكومية لمواجهته؟

نعم، للأسف نتوقع استمرار التراجع مع الأزمات المتعددة بالمنطقة، والخيارات محدودة نتيجة وقف مصادر التمويل بوقف تصدير النفط والغاز.

الوضع الاقتصادي باليمن يمر بمرحلة صعبة نتيجة توقف الإيرادات الحكومية، واستمرار الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة، مما سارع بتدهور العملة والوضع الاقتصادي. إضافة إلى تراجع التمويل الخارجي الإنساني، وكان قد أسهم بشكل كبير في استقرار الوضع الصحي ولو نسبيا في الفترة السابقة وعوّض نقص وتوقف التمويلات الحكومية في بعض البرامج الصحية.

  •  هل لديكم إحصائية جديدة بشأن انتشار وباء الكوليرا؟ وإلى ماذا تعزون عودة موجة جديدة منه؟

في المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة الشرعية، يتم إعلان الحالات المصابة بأي أمراض، ومن ضمنها الكوليرا، حيث بلغت حالات الإصابة 28 ألفا و527 ونحو 31 وفاة، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى يوليو/تموز الماضي.

ولا شك أن ضعفي هذا العدد يوجدان بالمناطق الشمالية (الواقعة تحت سيطرة الحوثيين) لكن لا تُعلَن الأرقام هناك، ولا شك أن تدهور وضع المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي يساعد في انتشار الكوليرا. وللأسف مع الأمطار الشديدة والسيول، نتوقع أن يزيد عدد الحالات، سواء من الكوليرا أو الأمراض الوبائية المنقولة عبر البعوض.

  • اتهمت هيومن رايتس ووتش في تقريرها الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي والمجلس الانتقالي بعرقلة أعمال الإغاثة ومفاقمة تفشي الكوليرا القاتل، ما تعليقكم؟

للأسف، رغم توضيحنا لتساؤلاتهم حول شفافية الحكومة في التعامل مع المرض، فإن وضع الجميع في سلة واحدة مع توصيف عدم الشفافية والعرقلة غير صحيح ويجافي الواقع، فكل فعالياتنا ومواقعنا تنشر التوعية عن المرض وسبل الوقاية منه وعدد الحالات التي تصل للمرافق الصحية لدينا.

  • هناك تحذيرات دولية من موجة انتشار للأمراض المتعددة وتعرض القطاع الصحي لمزيد من الصدمات جراء الأضرار الكبيرة للسيول المستمرة في عدة محافظات، كيف ترون ذلك؟

نعم صحيح، عادة ما تصاحَب الأمطار والسيول بزيادة الحالات الوبائية مثل الكوليرا والملاريا والضنك وغيرها، ويستدعي ذلك استجابة عاجلة حكومية وإنسانية.

  • حدثنا عن الدور الحكومي في مجابهة كوارث فيضانات السيول وتداعياتها الوبائية، وهل هناك تنسيق مع جماعة الحوثي بشأن التصدي للأضرار في المناطق الواقعة تحت سيطرتها؟

هناك تحركات على مستويات مختلفة ابتداء من مجلس القيادة الرئاسي والوزارات والسلطات المحلية للاستجابة لهذه الطوارئ وبحسب الإمكانيات المتاحة.

  • ما أبرز متطلبات القطاع الصحي لمواجهة الظروف الراهنة؟

مع ضعف قدرات البلد الاقتصادية، لا شك أن هناك احتياجا كبيرا لدعمه من شركاء القطاع الصحي، من الأشقاء والأصدقاء، وذلك بتوفير الاحتياجات العاجلة من أدوية وتحاليل وتجهيزات صحية وحملات ميدانية لمكافحة انتشار الأمراض ونواقلها للاستجابة للأمراض الوبائية وتوفير مياه الشرب الصالحة، وخصوصا في المناطق المنكوبة ومخيمات النازحين.

  • هل لديكم إستراتيجية أو خطط تهدف إلى معالجة الحالة الصعبة التي يمر بها الواقع الصحي في اليمن؟

نعم، عملت الوزارة على العديد من الخطط والإستراتيجيات الصحية للخروج من الاستجابة الإغاثية والإنسانية السريعة إلى الاستقرار والتنمية للقطاع الصحي. لكن استمرار الطوارئ والاستجابة لها -مع عدم توفر إمكانيات مستقلة ودائمة للقطاع الصحي- جعل معظم العمل يدور في محور الاستجابة للطوارئ واستمرار الخدمات الصحية الأساسية.

  •  كيف ينعكس نقص التمويل على الواقع الصحي للمواطنين خصوصا من يعانون من سوء التغذية؟

ينعكس بشكل سلبي على الوضع الصحي والغذائي، فتراجع الدعم قد يسبب إغلاق نحو 1000 مركز صحي مع انعدام خدمات التحصين والتغذية ورعاية النساء الحوامل، ويؤدي إلى أرقام مفزعة.

فنصف أطفال اليمن تحت سن 5 سنوات يعانون حاليا من سوء تغذية مزمن وهم الأكثر عرضة للإصابة بأمراض تسبب عجزا أو وفاة للكثير منهم، إضافة إلى النساء الحوامل، مع غياب الرعاية الصحية التي نتوقع أنه -مع تراجع الدعم الحالي- ستكون هناك 500 ألف امرأة حامل من دون رعاية، وبالتالي تزيد المضاعفات والوفيات.

  • هل أثرت تطورات البحر الأحمر على واقع استيراد وأسعار الأدوية في اليمن؟

نعم ارتفعت أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية نتيجة لارتفاع أسعار التأمين للموانئ اليمنية، وأيضا تأخر وصولها لتحول جزء كبير منها إلى ميناء صلالة في سلطنة عمان ومنه برا إلى اليمن.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version