لندن- فتحت نتائج الانتخابات المحلية التي جرت في بريطانيا في الرابع من مايو/أيار الجاري شهية حزب العمال للانتقال بسرعة قصوى في تحضيره للانتخابات العامة المتوقع إجراؤها نهاية العام المقبل.
وبعد أن أصبح الحزب المعارض صاحب أكبر عدد من المقاعد في المجالس المحلية، بدأ الكشف عن بنود برنامجه السياسي الذي يخوض به الانتخابات المقبلة.
ومن بين النقاط المعلنة والمثيرة للجدل، تعهّد حزب العمال بالسماح للمواطنين الأوروبيين الذين يمتلكون حق الإقامة الدائمة بالتصويت في الانتخابات العامة، إضافة إلى منح الفتية في سن 16 و17 حق التصويت أيضا.
وحاليا، لا حديث في الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية إلا عن خطة حزب العمال الجديدة، مما دفع حزب المحافظين الحاكم لاتهام منافسه بمحاولة إغراق صناديق الاقتراع بكتلة ناخبة أغلبها سيصوت لحزب العمال.
تمهيد للعودة؟
كان الابتعاد عمّا يسميه أنصار “البريكست” بالتبعية للاتحاد وتحقيق الاستقلال في السياسية من بين الأهداف الأساسية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن قرار حزب العمال بقيادة كير ستارمر منح الأوروبيين المقيمين في البلاد منذ 10 سنوات وأكثر حق التصويت؛ يقلب المعادلة رأسا على عقب، ويجعل لهذه الكتلة المهمة دورا مهما في أي انتخابات قادمة.
ويقول حزب المحافظين إن لهذا غرضين أساسيين:
- أولهما: توسيع قاعدة الناخبين من الفئات المرشّحة للتصويت لحزب العمال، وهما فئة الشباب والأوروبيون الذين يعدون حزب المحافظين مسؤولا عن “البريكست” (اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
- أما الغرض الثاني فهو تهيئة الأجواء لإجراء استفتاء جديد حول العودة للاتحاد الأوروبي، خاصة أن المزاج العام بات يميل إلى أن فكرة الانسحاب كانت خطأ وأضرّت بمصالح بريطانيا.
كتلة جديدة حاسمة
وحسب صحيفة “تلغراف” البريطانية، فإن عدد الأوروبيين الذين سيصبح لهم الحق في التصويت يفوق 3.4 ملايين أوروبي حاصلين حاليا على حق الإقامة الدائمة، إضافة إلى 2.6 مليون مواطن أوروبي سيلتحقون بهم قريبا؛ مما يعني 5 ملايين ناخب جديد، وهي كتلة مهمة من شأنها حسم أي انتخابات أو استفتاء قادم.
وحسب المعطيات الرسمية، فإن المواطنين الأوروبيين يتركزون أساسا في المدن الكبرى، خاصة لندن وفي الجنوب البريطاني.
أما بالنسبة للفتية في سن 16 و17 فيبلغ عددهم حاليا 1.4 مليون، وسيرفعون الكتلة الناخبة الحالية بأكثر من 8%.
ورغم تأكيد زعيم حزب العمال كير ستارمر أنه لا يخطط أبدا لإجراء أي استفتاء جديد للعودة إلى الاتحاد الأوروبي، وبأن “البريكست” أصبح واقعا لا يمكن تغييره، فإنه يعلم جيدا أن حزبه في حاجة إلى كتلة ناخبة أكبر إن أراد تحقيق الأغلبية المطلقة في الانتخابات، ذلك أن نتائج “المحلية” منها أظهرت أن حزب العمال لم يرفع حصته في عدد الأصوات مقارنة مع سنة 2019 التي كانت سيئة له، ولكن الذي حدث هو تراجع الأصوات الممنوحة للمحافظين التي ذهبت في الأساس للحزب الليبرالي الديمقراطي.
في المقابل، تحدثت مصادر من حزب المحافظين لجريدة “تلغراف” عن أن قادة الحزب يخشون أن كير ستارمر يقوم بتهيئة الأرضية المناسبة من أجل تنظيم استفتاء جديد للعودة إلى الاتحاد الأوروبي.
ويدافع ستارمر عن نيته إشراك من هم في سن 16 و17 سنة، على اعتبار أن هذه الفئة لديها الحق في “إنجاب الأطفال والانضمام للجيش وحتى السياقة، فلماذا لا يكون لها الحق في التصويت”، كما قال، إلا أن غرضه هو ضم فئة الشباب للكتلة المحتملة للتصويت لصالحه، ففي انتخابات 2019 صوّت 56% من الشباب لصالح حزب العمال.
تراجع شعبية البريكست
أظهر استطلاع رأي أنجزته مؤسسة “سافانتا” -بالتعاون مع صحيفة “إندبندنت” البريطانية- تراجع شعبية “البريكست” في صفوف البريطانيين؛ ذلك أن ربع المصوتين فقط يعارضون فكرة إجراء استفتاء جديد للعودة إلى الاتحاد الأوروبي.
وحسب الاستطلاع، فإنه في حال تم إجراء استفتاء جديد هذه السنة فإن 65% من البريطانيين سيصوتون لصالح العودة إلى الاتحاد الأوروبي، بزيادة 10 نقاط عن العام الماضي، حيث تم تسجيل نسبة 55% فقط.
وفقد اتفاق “البريكست” شعبيته في صفوف البريطانيين؛ حيث قال 54% منهم إن الخروج من الاتحاد الأوروبي كان قرارا خاطئا، مقابل 46% خلال العام الماضي.
وحول إذا كان “البريكست” سببا في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بريطانيا، أكد 56% من البريطانيين أن مغادرة الاتحاد الأوروبي تسببت في كثير من المشاكل لاقتصاد البلاد، وهذا رغم نفي عدد من المؤسسات الاقتصادية البريطانية -بما فيها البنك المركزي- تأثير ذلك على الاقتصاد البريطاني، وأن ما يتعرض له الآن من أزمات هو نتيجة الحرب الأوكرانية وأزمة التضخم العالمية.