الرباط– وجد آلاف الطلبة الفلسطينيين في قطاع غزة أنفسهم محرومين من حقهم في التعليم بعد تدمير الجامعات واستهداف الأكاديميين، بينما لم يستطع كثيرون منهم تسديد رسومهم الجامعية بسبب اندلاع العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي أجهض أحلام الطلبة وأوقف مشاريعهم الدراسية.

ولدعم المنظومة التعليمية في غزة مع دخول العام الدراسي 2024-2025، أطلقت وكالة بيت مال القدس مبادرات لتمويل طلبة جامعة الأزهر التي دمر القصف الإسرائيلي معظم مرافقها.

وأُسّست وكالة بيت مال القدس عام 1998 لتكون الذراع الميدانية للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، بمبادرة من ملك المغرب الراحل الحسن الثاني رئيس لجنة القدس آنذاك، والتي يرأسها حاليا نجله الملك محمد السادس ومقرها الرباط.

وتهدف الوكالة إلى حماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة، وتعزيز صمود أهلها من خلال دعم وتمويل برامج ومشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان.

وقدمت الوكالة منحة مالية لجامعة الأزهر في غزة لفائدة طلبة “كلية الملك الحسن الثاني للعلوم الزراعية والبيئية” الذين تعسّروا في تسديد رسومهم الدراسية.

من جهة أخرى، سلمت الوكالة لإدارة جامعة الأزهر في غزة خوادم سحابية (أنظمة إدارة معلومات إلكترونية) ومنصة متكاملة للتعليم عن بُعد. وقال محمد سالم الشرقاوي مدير وكالة بيت مال القدس في الرباط -للجزيرة نت- إن هذه الخوادم والمنصة ستمكّن من نقل الملفات الجامعية وتأمين سلامتها وإتاحة الدروس والمحاضرات المسجلة على المنصة للطلاب، والمساعدة في العودة التدريجية للعملية التعليمية.

وتم في القاهرة تسليم هذه الخوادم والمنصة، ونُظمت خلال هذا الأسبوع ورشة تدريبية استمرت يومين أشرف عليها خبراء مغاربة وأجانب للتدريب على تقنيات نقل المعلومات إلى المنصة الجديدة والحفاظ على أمنها، واستفاد منها حضوريا طواقم فنية من مهندسي البرمجيات والشبكات العاملين في جامعة الأزهر المقيمين في القاهرة حاليا وأيضا زملاؤهم في قطاع غزة عن بُعد.

وأوضح الشرقاوي أنه تم رصد ميزانية قيمتها 400 ألف دولار لتمويل رسوم الطلبة والخوادم والمنصة الإلكترونية.

وقال المتحدث إن هذه المبادرات تأتي ضمن الدعم المغربي المتواصل للفلسطينيين في القطاع، لافتا إلى أن الدعم شمل إلى جانب التعليم شحنات المساعدة الإنسانية والأدوية والمستلزمات الطبية التي وصلت إلى غزة عن طريق المعابر البرية.

تدريب على استخدام الخوادم السحابية ومنصة التعليم التي سلمتها وكالة بيت مال القدس لجامعة الأزهر (موقع الوكالة)

استهداف منظومة التعليم

وتعرضت المنظومة التعليمية في قطاع غزة لدمار هائل نتيجة الاستهداف المباشر للمباني الجامعية والمدارس.

وقال رئيس مجلس أمناء جامعة الأزهر بغزة، الدكتور خليل أبو فول، إن أغلب مباني الجامعة دُمّرت، كما تعرض حرمها الرئيسي لدمار جزئي جعل الدراسة معطلة نهائيا منذ عام.

وأوضح المسؤول الأكاديمي، في اتصال مع الجزيرة نت، أن الجامعة عملت منذ بداية الحرب على تحويل قاعدة بياناتها إلى الخارج، وعملت بدعم من شركاء جامعيين ووكالة بيت مال القدس على إطلاق فصل دراسي تعويضي في يونيو/حزيران المنصرم وهو الفصل الذي شهد تسجيل نحو 13 ألف طالب من المنتسبين لمختلف كليات الجامعة والكلية المتوسطة.

وأكد أبو فول أن استمرار الحرب جعل الحاجة ملحّة لأن تمتلك الجامعة خوادم خاصة بها لتعويض النقص، وكذلك منصة تعليم إلكترونية حديثة تستجيب للاحتياجات التعليمية لطلبة غزة.

تمويل الطلبة والجامعة

ولهذا الغرض، وقعت الجامعة اتفاقية شراكة وتعاون مع وكالة بيت مال القدس في الدار البيضاء الشهر الماضي، تم بموجبها دعم 3 خوادم مكّنت من الحفاظ على إدارة المعلومات الخاصة بالعملية التعليمية، وتطوير منصة التعليم الإلكترونية بالجامعة لتمكين عدد أكبر من الطلبة من استكمال دراستهم.

وقال أبو فول إن الوكالة دفعت رسوم تخرّج 46 طالبا من “كلية الملك الحسن الثاني للعلوم البيئية والزراعية”، فمكّنهم ذلك من الحصول على شهاداتهم للانطلاق في سوق العمل، كما دُفع جزء من رسوم التسجيل المتراكمة على أزيد من 300 طالب في الموسم الدراسي 2023-2024 لمساعدتهم على استكمال دراستهم، وأيضا لمساعدة الجامعة في المصاريف الإدارية إذ تعدّ هذه الرسوم أهم مصادر تمويلها.

ولفت المتحدث إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة لا يحتاج، في مواجهة هذا العدوان الذي يتعرض له منذ أشهر، إلى الإغاثة الطبية والغذائية فقط، بل أيضا إلى حفظ حقه في التعليم، مشيرا إلى أن التعليم أحد أهم مقومات الحياة والبقاء للشباب الفلسطيني وهو ما جعلهم رغم الظروف المأساوية التي يعيشون فيها يقبلون على مواصلته عن بُعد.

مدير وكالة بيت مال القدس بالرباط محمد سالم الشرقاوي (الجزيرة)

كلية الملك الحسن الثاني

كلية الملك الحسن الثاني للعلوم البيئية والزراعية التي تلقّى طلبتها منحًا لتسديد رسوم تسجيلهم كانت قد شيّدت في عام 1992 ببيت حانون، وبعد تعرضها للقصف في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2009 أعيد بناؤها بتمويل من العاهل المغربي محمد السادس بقيمة 7.8 ملايين دولار على مساحة 3 آلاف متر مربع.

وضمت الكلية التي أشرفت على بنائها وكالة بيت مال القدس: 16 قاعة للدراسة و6 مختبرات علمية، ومكتبة، وقاعة للمعلومات، ومقصفا، وقاعات للصلاة، ومرافق إدارية.

وتعرضت الكلية للتدمير مرة أخرى جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شأنها شأن كليات الطب والاقتصاد وغيرها التي تتبع جميعها لجامعة الأزهر.

وكانت أُسّست جامعة الأزهر في غزة عام 1992 وتضم 12 كلية. ورغم أنها تحمل اسم جامعة الأزهر في مصر، فإنها جامعة وطنية فلسطينية مستقلة لا تتبع لأي جهة خارجية، أسسها الرئيس الراحل ياسر عرفات. ويدرس في الجامعة حوالي 15 ألف طالب وطالبة ويعمل بها 464 أكاديميا.

وأعلن نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية سامي مصلح أن الخسائر المادية التي تعرضت لها الجامعة تُقدر بقرابة 221 مليون دولار بسبب العدوان الإسرائيلي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version