كيف تحارب المقاومة؟
في كتاب بعنوان “الجيش المتطور وجيش الفرسان: كيف تخلت إسرائيل عن القوات البرية”، يقول العميد احتياط جاي هازوت -وهو قائد فرقة سابق في القيادة الجنوبية الإسرائيلية- إنه “مع كل جولة من جولات القتال، تمكنت حماس من التعرف على قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي والاستعداد بشكل أفضل للحرب الكبرى”.
ويرى هازوت في الكتاب -الذي نقل الكاتب عاموس هاريل أجزاء منه في مقاله بصحيفة هآرتس (الثاني من أغسطس/آب 2024)- أن “خطة هجوم حماس كشفت عن فكر عسكري لامع، وخطة إبداعية من الخداع والمبادرة والهجوم والجرأة”، وقد تجسد ذلك أولا -بحسبه- في هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على مستوطنات غلاف غزة وثكناتها، ثم لاحقا في تكتيكات المعارك التي خاضتها بعد التوغل الإسرائيلي في غزة.
ويرى محللون عسكريون أنه في غياب التوازن في موازين القوى العسكرية يتم الاعتماد أولا على عنصر المفاجأة، ثم تغيير أساليب القتال والتكتيكات بما يتلاءم مع الحاجات الميدانية لاستدراج العدو المحتل وتحييد عناصر تفوقه وإيقاع أكبر الخسائر في صفوفه، واستنزاف قدراته في حرب طويلة ومكلفة، وهو ما طبقته المقاومة في غزة ضمن ما تُعرف بحروب المدن والشوارع.
وفي هذا السياق، يقول جون سبنسر-خبير الحرب في المناطق الحضرية في أكاديمية ويست بوينت العسكرية الأميركية- “إن غزة أثبتت أنها واحدة من أصعب المعارك الحضرية في التاريخ، حتى بالمقارنة مع الموصل أو ستالينغراد”.
ويضيف -في تحقيق لصحيفة تلغراف البريطانية- أن حركة حماس “طورت بعض التكتيكات الدفاعية الحضرية الشائعة ووضعتها على مستوى لم يره أحد من قبل، فالجنود الإسرائيليون يواجهون حقيقة متزايدة مفادها أن كل مبنى عبارة عن قنبلة أو فخ، وكل فتحة نفق عبارة عن فخ”.
ويرى محللون عسكريون أن المقاومة الفلسطينية في غزة تمكنت من استغلال نقاط قوتها باقتدار، وعملت على تحييد نقاط قوة الجيش الإسرائيلي وتنويع أساليب قتالها من خلال:
- اتباع أسلوب الكر والفر، حيث تخلي بعض المناطق لاستدراج القوات الإسرائيلية إليها ثم العودة لمهاجمتها.
- استغلال شبكة الأنفاق بالشكل الأمثل.
- استغلال المعرفة الدقيقة بساحة القتال والشوارع.
- نصب الفخاخ والكمائن على نطاق واسع.
- حصر الدبابات والآليات الإسرائيلية الثقيلة في أماكن ضيقة وتدميرها.
- استخدام أسلحة خفيفة ومناسبة حسب طبيعة العمليات.
- اعتماد مجموعات صغيرة مقاتلة ذات مرونة عالية في الحركة.
- المرونة في اتخاذ القرار والتنفيذ.
- تكثيف المراقبة ورصد العدو ومباغتته.
- ثبات العقيدة القتالية والاستمرارية في المقاومة.
- استنباط الحلول لمواجهة التفوق الإسرائيلي.
ويؤكد الخبير العسكري الأميركي جون سبنسر أن المقاومة في غزة “كان لديها 15 عاما للاستعداد لهذه اللحظة، وأنها عملت جاهدة لتحويل كل شبر في القطاع إلى مشكلة لأفضل جيش في العالم”.
ويعزو خبراء عسكريون النجاحات التكتيكية التي حققتها حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية إلى أساليب المراقبة والاستطلاع المبتكرة وتكتيك استدراج الجيش الإسرائيلي ومدرعاته إلى مناطق يعتقدها آمنة، ومن ثم مواجهتها من المسافة صفر، أو تفجير مكان تمركزهم وتجمعاتهم وقنصهم.