أطلقت الصين مركبة فضائية غير مأهولة في مهمة مدتها شهرين تقريبا لاستعادة صخور وتربة من الجانب البعيد للقمر، لتصبح أول دولة تجري هذه المحاولة، في حين أرسلت باكستان قمرها الصناعي الأوّل “آي كيوب-قمر” الذي يحتوي على كاميرتين بصريتين لالتقاط صور لسطح القمر.
وانطلق صاروخ “لونغ مارتش-5” أمس الجمعة من قاعدة ونتشانغ في الصين لإطلاق الصواريخ الواقعة في جزيرة هاينان الجنوبية، وعلى متنه المسبار القمري “تشانغ آه-6” المكلّف بإنجاز أحد المهام التاريخية على سطح القمر.
وقد كُلّف المسبار الفضائي البالغة كتلته أكثر من 8 أطنان، بالهبوط في الجانب البعيد من القمر عند “حوض أيتكين” في القطب الجنوبي للقمر، وثمّ العودة إلى الأرض برفقة عينات من تربته في مهمة ستستغرق 53 يوما، وهي سابقة تاريخية لم يحققها أحدٌ من قبل.
إذ بعد الانفصال عن الصاروخ الفضائي في مرحلة معيّنة، سينطلق المسبار القمري في مسارٍ نحو مدار القمر في رحلة مدتها 4-5 أيام، وفي بداية شهر يونيو/حزيران سيهبط المسبار على سطح القمر.
وسيقضي المسبار يومين في التنقيب والحفر، وفي تجميع عينات من التربة القمرية، ومن المعروف أنّ تربة القمر دقيقة للغاية وذات زوايا حادة بسبب تأثير اصطدام النيازك الكثيف، وأيضًا تعد تربة القمر شديدة التفاعل بسبب تعرضها للرياح الشمسية والإشعاعات الكونية على مدى ملايين السنوات، وتحتوي على كميات كبيرة من العناصر النشطة مثل الحديد والتيتانيوم والسيليكون.
وبعد انقضاء مرحلة تجميع 2 كيلوغرامات من العينات، سينطلق المسبار عائدًا إلى الأرض ليبدأ العلماء في البحث عن تفاصيل جديدة حول القمر، بما في ذلك التأريخ الدقيق للمدة الزمنية للنشاط البركاني على القمر. كما أنّ من المعروف أنّ ثمّة اختلافات على صعيد التضاريس والتركيب الكيميائي وحقل الجاذبية بين كلا جانبي القمر، وعليه سيسعى العلماء لمحاولة الكشف عن أحد ألغاز العلم الكبرى اليوم.
وقال جي بينغ، نائب مدير برنامج استكشاف القمر والفضاء التابع لإدارة الفضاء الوطنية الصينية، أنّ القيمة العلمية التي سيجلبها مسبار تشانغ آه-6 تكمن في التحقق من عمر حوض القطب الجنوبي الذي يقدّره العلماء بنحو 4 مليارات سنة، وهي أقدم بكثير من عمر العينات التي جلبتها كلٌّ من مسابير الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في تاريخ استكشافهم السابق للقمر.
وكانت الصين أطلقت منتصف العام الماضي 41 قمرا صناعيا على متن صاروخ واحد، مسجلة بذلك رقما قياسيا وطنيا لإطلاق أكبر مجموعاتها من الأقمار الصناعية دفعة واحدة”، وفق وكالة أنباء “شينخوا”.
وأضافت الوكالة أن “الأقمار أرسلت إلى مدار الأرض على متن صاروخ فضائي صيني من نوع “لونغ مارش-2 دي واي 88″ Long March-2D Y88)”، ومن المقرر استخدام تلك الأقمار في الخدمات التجارية للاستشعار عن بعد والتحقق من التقنيات ذات الصلة.
مشاركة باكستانية
ولم تلق الصين وحدها الإشادة يوم أمس، فقد استغلت باكستان المساحة الشاغرة التي منحتها الصين لعدّة دول للمشاركة بإرسال أقمار ومسابير فضائية ضمن رحلتها، فأرسلت باكستان قمرها الصناعي الأوّل “آي كيوب-قمر” الذي يحتوي على كاميرتين بصريتين لالتقاط صور لسطح القمر.
وقد أثمر العمل المشترك بين المعهد الباكستاني لتكنولوجيا الفضاء وجامعة شنغهاي الصينية ووكالة الفضاء الوطنية الباكستانية “سوباركو”، في تطوير وصناعة القمر الصناعي آي كيوب-قمر. وتكمن أهدافه الأساسية في تقديم المساهمة العلمية وتطوير التكنولوجيا التي تحقق من عمليات استكشاف الفضاء.
كما حضر المؤتمرالذي أقيم في جزيرة هاينان شرقي البلاد قبيل إطلاق الصاروخ، نحو 50 مسؤولا من 12 دولة؛ من بينها باكستان وفرنسا وإيطاليا إلى جانب الأمم المتحدة ووكالة الفضاء الأوروبية.
وفي حين أكد المؤتمر أهمية التعاون والعمل الجماعي في استكشاف الفضاء مستقبلا، أشاد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بما سماه الإنجاز التاريخي لبلاده، مهنئًا الشعب والعلماء الذين ساهموا في رسال أوّل قمر صناعي محلّي في مدار حول القمر.