تمكن باحثون من جامعة “تسينغهوا” الصينية من الكشف عن أصل أحد الأجرام السماوية المثيرة القابعة في مدار الأرض حول الشمس، وهو كويكب “469219 كامو أوليوا” الذي يُطلق عليه مجازا قمر الأرض الثاني، أو شبيه القمر.
وفي الدراسة التي نُشِرت في مجلة “نيتشر أسترونومي”، تطرّق الباحثون إلى تقنية التحليل الطيفي للضوء المعكوس من سطح كويكب “كامو أوليوا”، وكشفت النتائج أنّه يحتوي على كميّات وفيرة من السيليكات، وهي أكبر أصناف المعادن وأكثرها تعقيدا وشيوعا في القمر. وهو ما يطرح نظرية أنّ هذا الكويكب ربّما نشأ من قمر الأرض في مرحلة ما في السابق.
واستخدم فريق البحث نماذج محاكاة حاسوبية لاختبار مدى صحة نظريتهم، فوجدوا أنّ الشكل الفيزيائي للكويكب ومداره يشيران إلى أنّه قطعة صخرية مصدوعة نتيجة اصطدام هائل تسبب بحفرة على الجانب البعيد من القمر.
وقال عالم الفلك الدكتور “دارين باسكيل” (لم يشارك في الدراسة) في حديثٍ مع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي فوكس: “بمجرّد النظر بالعين المجرّدة أو من خلال المنظار يمكن التحقق من الماضي العنيف الذي مرّ به القمر، فكلّ فوهة من التي نراها على سطحه قذفت قطعًا من الصخور إلى الفضاء بعد الاصطدام”.
وأردف أن معظم هذه الشظايا “الأحجار” تتساقط عائدة إلى القمر بسبب جاذبيته، لكن بعضها يفلت من قبضة القمر وينجرف في الفضاء، وبعض هذه الشظايا تسقط على الأرض. ففي المرّة القادمة إذا رأيت شهابا تذكّر أنه ربما يكون منشأه القمر.
وأما بالنسبة لكويكب “كامو أوليوا”، فكونه ما زال موجودا يوحي بأنّه نتج عن اصطدام حديث للغاية. ويعتقد العلماء بأنّه لو كان الاصطدام أقدم لكان من المحتمل أن يُسحب ببطء بعيدا عن مدار الأرض بفعل جاذبية الكواكب الأخرى، أو يتحطم إثر ارتطامه بكويكب آخر.
ووفقا للمحاكاة الحاسوبية، فإن حجم الفوهة التي تسببت بنشأة كويكب “كامو أوليوا” يجب أن يصل قطرها إلى ما بين 10 و20 كيلومترا، وعمرها لا يتجاوز بضعة ملايين السنوات. وبالنظر إلى سطح القمر ومقارنة الفوهات بنتائج الدراسة، تتطابق فوهة تُدعى “غيوردانو برونو” مع سمات موقع الارتطام الذي حدث.
كامو أوليوا.. قمر ثانٍ للأرض
إنّ ما يدركه العلماء حتى اللحظة عن كويكب كامو أوليوا هو نتائج عمليات رصد من الأرض فحسب، في حين سيكون الكويكب هدفا لمهمة “تيانوين 2” الصينية في عام 2025، والتي يطمح العلماء فيها إلى الحصول على تأكيدات عما توصلوا إليه.
ويشير باسكيل إلى أنّ الادعاءات القائلة بأنّ “كامو أوليوا” يمثل قمرا ثانيا للأرض، ينقضها حقيقة غياب التأثير المباشر من الكويكب على الأرض، وهو على نقيض الأقمار المتعددة التي ترتبط بالكواكب الأخرى مثل المشتري وزحل، إذ يكون التأثير واضحا وجليا من ناحية قوة الجاذبية.
وإدراج كامو أوليوا بصفته قمرا ثانيا للأرض سيضع العلماء في تحدٍ لإضافة آلاف الكويكبات الأخرى التي تدور كذلك في مدارات محاذية للأرض ويُطلق عليها “الأجرام القريبة من الأرض” ويتراوح عددها بين 30 ألفا و200 ألف كويكب.