طوّر فريق دولي من الباحثين تقنية رائدة “لكتابة” أنماط تعلم جديدة مباشرة في الدماغ، في الوقت الفعلي، عبر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، حيث تعلم المشاركون في الدراسة كيفية التعامل مع فئات جديدة من الأشياء المرئية دون تعليم صريح من قبل معلم.

وفي التجارب، التي نشرت نتائجها في دورية “بي إن إيه إس” جلس المشاركون داخل ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، الذي مكن الباحثين من مراقبة نشاط أدمغة المشاركين في الوقت الفعلي أثناء التجربة.

توجيه الدماغ

وتضمن الإعداد التجريبي مرآة موضوعة فوق رؤوس المشاركين، والتي أسقطت صورًا لأشكال بصرية مجردة على المرآة، تم وصفها على أنها بتلات أو بصيلات نباتية أو فراشات، ونبضت هذه الأشكال على الشاشة.

بعد ذلك، طُلب من المشاركين “توليد حالة ذهنية” من شأنها أن تقلل من تذبذب الشكل، لكن الباحثين لم يعلموا المشاركين في الدراسة كيفية تحقيق هذه الحالة الذهنية، ومثل أي شخص، يحاول الخاضع للتجربة أن يفكر في أشياء مختلفة ويستحضر صورا مختلفة في دماغه لكي يتسبب ذلك في إيقاف اهتزاز الصور.

ومع انخراط المشاركين في المهمة، تم تحليل نشاط دماغهم عبر الرنين المغناطيسي الوظيفي واستهدف العلماء أنشطة دماغية محددة ومعروفة مسبقا، حينما قام الخاضعون بالتجارب بهذه الأنشطة (دون وعي منهم) استقرت الأشكال، فتعلم الدماغ مباشرة الربط بين هذه الأشكال وهذه النشاطات الدماغية.

وبذلك يكون الدماغ قد نقش أو نحت على خلاياه العصبية معلومة جديدة، وهي معلومة لم يكتسبها بالخبرة أو التعلم، بل مباشرة عبر التغذية العصبية، فمن خلال هذه العملية، تعلم المشاركون (دون وعي منهم) تعديل نشاطهم العصبي دون أن يكونوا مدركين بوعي لكيفية تحقيق النتائج المرجوة.

آمال عريضة

ويثبت نجاح هذه التجربة القدرة على تحفيز التعلم من خلال التغذية العصبية البحتة، متجاوزة الأساليب التقليدية للتعليم الصريح أو الممارسة.

وتسلط التجربة الضوء على قوة أدوات علم الأعصاب الحديثة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في التلاعب بوظائف المخ وفهمها، مما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في كيفية تعاملنا مع التعلم والتدخلات المتعلقة بالصحة العقلية.

إن نتائج هذه الدراسة لها آثار مهمة على كل من علم الأعصاب والممارسة الطبية، فمن خلال إظهار القدرة على تشكيل الاستجابات العصبية بشكل مباشر وتحفيز التعلم دون تعليمات صريحة، يفتح هذا النهج آفاقًا جديدة لعلاج حالات مثل الاكتئاب والتوحد وغيرها من الاضطرابات العصبية النفسية.

وعلاوة على ذلك، تقدم هذه التقنية رؤى غير مسبوقة في اللبنات الأساسية للتعلم ومعالجة المعلومات في الدماغ. إن فهم كيفية التلاعب بأنماط النشاط العصبي وتوجيهها يمكن أن يعزز فهمنا للوظائف الإدراكية وقد يؤدي إلى تطوير إستراتيجيات التعلم الشخصية وبرامج إعادة التأهيل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version