أظهر التحليل الكيميائي والفيزيائي على مدى عقود أن هناك تشابهًا بين التركيبة الصخرية لكل من القمر والأرض، وتبيّن أنها غنية بالكالسيوم وبازلتية، ويرجع تاريخها إلى نحو 60 مليون سنة بعد تشكل النظام الشمسي.

دفع ذلك العلماء لاقتراح أن أصل القمر أرضي، وفي عام 1984 ظهرت النظرية السائدة حاليا التي تقول إن القمر تشكّل بعد اصطدام كوكب بحجم المريخ (سمي ثيا) بالأرض قبل مليارات السنوات، فتسبب ذلك في انفصال جزء من مادة هذا التصادم، ليشكل ما نعرف الآن أنه القمر.

ولكن، وفقًا لباحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا في دراسة جديدة نُشرت في مجلة “بلانيتاري ساينس جورنال”، فإن ما سبق غير صحيح، وقد تم التقاط القمر في وقت كان يمر فيه على مسافة قريبة من الأرض في زمن سحيق.

ولغرض التشبيه، تخيّل أن تلتقط كرة تمر بسرعة بجانبك، لكن بدلا من يديك فإن الأرض تمتلك قوة الجاذبية التي يمكنها التقاط الأجسام المارة بها.

وإليك فيديو قصير من وكالة ناسا يوضح النظرية السائدة لنشأة القمر:

نظرية تبادل الالتقاط

ويوضح الباحثون في الدراسة الجديدة أن هناك تساؤلات تتعارض مع كون القمر قد نشأ عبر اصطدام وتفتت ثم بناء جديد، لأن ذلك لو حصل كان يجب أن يدور القمر فوق خط استواء الكوكب، لكنه يدور في مستوى مختلف، بل يبدو أن القمر أكثر انسجامًا في مداره مع الشمس منه مع خط استواء الأرض.

في حين تشرح النظرية الجديدة التي يفترضها هذا الفريق، والتي سميت “نظرية تبادل الالتقاط”، أن جاذبية الأرض التقطت القمر عندما كان في نظام ثنائي (أي يدور حول جرم آخر صغير)، ثم فصلتهما عن بعضهما بعضا بقوى الجاذبية، مما أدى إلى التقاط القمر وجعله يدور في مستواه الحالي.

وأظهرت الحسابات التي قام بها الفريق البحثي أن عملية الفصل السالفة الذكر تتوافق مع المدار الحالي للقمر وشذوذه عن المتوقع منه، وكذلك تتوافق مع تأثير الشمس الجذبي على القمر.

وتوضح الدراسة أن هناك أدلة على حدوث هذا النوع من الالتقاط في أماكن أخرى من النظام الشمسي، حيث يعتقد العلماء أن تريتون مثلا، وهو أكبر أقمار نبتون، قد سُحب إلى نبتون من حزام كايبر.

ويدور تريتون حول نبتون في مدار رجعي، حيث يتحرك في الاتجاه المعاكس لدوران الكوكب، كما أن مداره مائل بشكل كبير من خط استواء نبتون (بزاوية قدرها 67 درجة).

لكن وضع تريتون يختلف عما يحدث في حالة القمر، فالأخير يدور بالفعل في مدار مائل، لكن بزاوية قدرها 5 درجات فقط. وفي هذا السياق، فإنه لا تزال هناك حاجة للمزيد من الدلائل الرصدية والدراسات لتأكيد الفرضية الجديدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version