لا شك أن القمر هو أكبر وألمع الأجرام التي يمكننا رؤيتها بالعين المجردة من الأرض. غير أن هناك العديد من الأجسام التي تدور حول الأرض ويقدر عددها بـ 21 جرما فضائيا، ويسميها العلماء أشباه القمر أو الأقمار الزائفة (Quasi-satellite).
ومن بين أشباه القمر يأتي كويكب “كامو أوليوا” (Kamo’oalewa) الذي يعتقد العلماء أنه انفصل عن القمر. ويعرف بأنه جسم شبه قمري لأن الشمس تؤثر عليه بشدة أكبر من تأثير الأرض عليه.
ويقع “كامو أوليوا” خارج المجال الجاذبي للأرض المعروف باسم “مجال هيل” (Hill sphere) وهي المنطقة التي تسيطر فيها الجاذبية الأرضية على جاذبية الأقمار الصناعية. وبينما يتحرك القمر في المجال الجاذبي للأرض بشكل ثابت، تتأثر حركة “كامو أوليوا” بشدة بتدخلات وتغيرات صغيرة.
كويكب صغير يدور حول الأرض
اكتشف “كامو أوليوا” أول مرة عام 2016، باستخدام تلسكوب بان-ستارز في مرصد هالياكالا، وكانت الملاحظة الأولية تقول إنه ينتمي إلى المجموعة الفرعية الخاصة بالكويكبات الشبيهة بالقمر.
وكان الاكتشاف المذهل يتمثل في أن “كامو أوليوا” كان يدور بحركة شبه دائرية حول الأرض. ويعتقد العلماء أنه كان ينتمي إلى القمر في وقت ما خلال تاريخ الأرض، وأنه تمت إزاحته من مدار القمر نتيجة لتأثيرات الجاذبية للشمس والأرض.
وفي الماضي، كان القمر يشهد تصادمات شديدة بين الصخور والكويكبات والنيازك. وبسبب هذه التصادمات، كان هناك عدد كبير من الصخور التي انفصلت عن القمر ووجدت طريقها إلى الأرض.
ومن بين هذه الصخور التي انفصلت عن القمر، تمكن “كامو أوليوا” من البقاء على مدار ثابت نسبيا حول الأرض، رغم تغير دورانه على مر التاريخ، بفضل الجاذبية الكبيرة للشمس.
طبيعة كامو أوليوا
وحديثا تساءلت دراسة أودعت على موقع “أركايف” (arXiv) -المعني بنشر نسخ الأبحاث الأولية- يوم 27 من أبريل/نيسان الماضي، عما إن كان هذا الكويكب من أصل قمري أم لا.
وفي تقرير نشره موقع “يونيفرس توداي” (Universe Today) يعتبر “كامو أوليوا” من بين الأجرام الفضائية المدارية المتحركة حول الأرض التي احتفظت بالمدار الأقرب والأكثر استقرارا حول كوكبنا.
ويشير السلوك المداري الفريد “لكامو أوليوا” بأنه ينشأ من طرد القمر. ولكن، هل يدل هذا بالضرورة على أنه كان جزءا من القمر؟ ببساطة شديدة، رغم أن “كامو أوليوا” يتأثر بشكل كبير بجاذبية الشمس، فإنه يتأرجح في دورانه بين مداري “القمر الزائف” (Quasi-satellite orbit) و”حدوة الحصان” (A horseshoe orbit).
مدارات مختلفة للدوران
ومدار “القمر الزائف” هو مدار لحركة الأجرام السماوية الطبيعية كالأقمار والكويكبات حول الأرض. وهو يشبه مدار القمر، حيث يتبع الجسم نفس المسار الذي يتبعه القمر ويدور حول الأرض مرة واحدة كل عام، ولكن الاختلاف الرئيس هو أن المدار ليس مغلقا بشكل كامل حول الأرض.
أما مدار “حدوة الحصان” فيحدث عندما يتحرك جرم -مثل “كامو أوليوا”- في دورة حلقية غير مغلقة حول جسم أكبر (وهو الأرض). وبينما يدور الاثنان حول جرم سماوي كبير ثالث مثل الشمس، يُخلق مدار على شكل قطع ناقص -حدوة الحصان- مع مرور الوقت.
وقد استخدم العلماء هذه المعلومات، إضافة لعدد من المتغيرات الأخرى لمحاكاة تأثيرات القمر، ومدى الطرد الذي يؤثر به على الأجرام. وقد أظهرت غالبية تجارب المحاكاة أن هذا الطرد الحادث يدفع بالجرم إلى مغادرة المدار حول الأرض متخذا مدارا حول الشمس. ورغم ذلك سيتخذ القليل جدا من الجسيمات مدارا شبيها بمدار “كامو أوليوا”.
ويذكر أن سطح “كامو أوليوا” يحتوي على السيليكات التي تعكس الضوء بنفس الطريقة التي يفعلها القمر. ومن ثم فإن هذه الحقيقة بجانب ما استنتجته تجارب المحاكاة، تبرهنان على أن كويكب “كامو أوليوا” قد يكون ذا أصل قمري.
ويسعى العلماء في الأبحاث المقبلة إلى دراسة الحفر الموجودة على سطح القمر لمعرفة أي منها يمكن أن يكون منشأ هذا الكويكب. كما أن هناك العديد من الرحلات المقترحة لدراسة “كامو أوليوا”.