تشهد مباريات دوري السيدات لكرة السلة في تونس تسجيل نتائج عريضة وقياسية، لكن النتيجة النهائية لسيدات الملعب التونسي على نظيراتهن في “بن عروس” كانت تاريخية ومثيرة للاستغراب.

ولم يتوقع أحد أن تعجز لاعبات نادي بن عروس (جنوب العاصمة تونس) عن وضع الكرة في السلة طيلة 40 دقيقة بينما استقبلت “سلّتهن” 161 نقطة بالتمام والكمال في حادثة هي الأغرب في تاريخ الرياضة التونسية.

وفجّرت المباراة التي دارت لحساب الجولة الأولى من منافسات دوري السيدات لكرة السلة، سيلا من ردود الفعل التي كان بعضها ساخرا وأغلبها مستنكرا لما آلت إليه أوضاع بعض النوادي المتخصصة في الرياضة النسائية.

جدل وسخرية وحقيقة صادمة

وتباينت ردود الفعل حول النتيجة الكارثية التي حققتها لاعبات نادي “مستقبل بن عروس”، فيما تحدثت مصادر قريبة من الفريق عن غياب أبرز لاعبات الفريق مما دفع بالمدرب إلى تشريك لاعبات من فئة الناشئات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن 17 عاما.

وبعد أقل من أسبوع على تلك الحادثة، كشف الاتحاد التونسي لكرة اليد عن خفايا تلك المباراة الشهيرة بعدما ثبت أن 3 لاعبات ينشطن ضمن فريق سيدات كرة اليد في “مستقبل بن عروس” شاركن في المباراة في حدث أثار ضجة قوية في الأوساط الرياضية بالبلاد.

ووصف الاتحاد ما حدث بأنه “تجاوز خطير للقوانين العامة للاتحاد التونسي لكرة اليد (الفصل 53) وللقيم والأخلاق والمثل التي تقوم عليها الرياضة”.

وقرر الاتحاد التجميد الفوري والمؤقت لنشاط فريق جمعية المستقبل الرياضي ببن عروس للسيدات وإحالة الملف إلى لجنة التأديب لاستكمال التحريات واتخاذ القرارات الردعية اللازمة.

من جانبه، قرر اتحاد كرة السلة تجميد نشاط فريق “مستقبل بن عروس” وإلغاء نتائجه السابقة بسبب تلك الحادثة.

أوضاع رياضية ومادية متردّية

وردّا على الجدل الذي أحدثته المباراة، كشف محمد حسام بن حسين رئيس نادي “مستقبل بن عروس” للرياضات النسائية أن “ما حدث كان أمرا اضطراريا للنادي نافيا أن تكون اللاعبات قد تعمدن خرق القوانين وارتكاب تجاوزات رياضية تمس بأبعاد المنافسة الرياضية وأخلاقياتها”.

وقال بن حسين للجزيرة نت “لا بد أن نعرف أن فرع كرة السلة في مستقبل بن عروس حديث النشأة وبدأ النشاط في فبراير/شباط الماضي، وباعتبار أن الفريق يفتقر إلى فضاءات رياضية للتدريبات والمباريات فقد عانينا كثيرا من أجل تجميع اللاعبات لخوض منافسات الدوري”.

وأضاف أن “مباراة الملعب التونسي كانت أول مواجهة رسمية للفريق، رفضنا الخسارة بالغياب وتمسكنا بخوض اللقاء وباعتبار عدم حضور اللاعبات اضطررنا إلى الاعتماد على لاعبات ينشطن في كرة اليد وكرة السلة أيضا، لم نكن على علم بأن ممارسة رياضتين في فريق هاو أمر مخالف للقوانين العامة للرياضة”.

وتابع بن حسين “هدفنا من خلال إنشاء النادي هو دعم الرياضة النسائية في المدينة التي تفتقر لأي نشاط رياضي نسوي، فريقنا يضم نحو 17 لاعبة في الوقت الحالي في كل الفئات، وانضمت 9 لاعبات جديدات للنادي خلال الأسبوع الماضي”.

وأشرف بن حسين على رئاسة مستقبل بن عروس خلال بداية نوفمبر/تشرين الثاني بعد استقالة الهيئة السابقة بسبب الصعوبات المالية، ويملك النادي 3 رياضات نسائية وهي كرة اليد والكرة الطائرة وكرة السلة.

بدوره أشار لطفي عبيد، عضو اللجنة الأولمبية التونسية إلى أن “ما حدث لم يكن جرما يستحق وقف اللاعبات عن النشاط باعتبار غياب نص قانوني واضح يمنع لاعبات من كرة اليد من ممارسة رياضة أخرى داخل النادي نفسه”.

وقال عبيد للجزيرة نت “لم تكن هناك نوايا للغش أو انتهاك القوانين من قبل اللاعبات، كما أن النادي الذي يمارسن فيه نشاطهن ليس مسجلا بوصفه ناديا محترفا، وبالتالي لا بد من مراعاة الأهداف التي دفعت تلك اللاعبات إلى خوض مباراة في كرة السلة وهي أساسا تجنب تسجيل الغياب”.

ويرى عبيد أن اتحاد كرة اليد وكرة السلة سيتحدثان مع اللاعبات لبحث دوافع تلك الحادثة التي تكشف بوضوح الواقع الصعب للرياضة النسائية والعزوف عن ممارستها في ضوء غياب التشجيعات والحوافز المادية والمعنوية”.

وينتظر أن تلتقي لجنة في اتحاد كرة السلة بمجلس إدارة مستقبل بن عروس للنظر في الظروف الصعبة التي يعيش على وقعها النادي ومساعدته على إيجاد فضاءات رياضية مناسبة للتدرب وخوض المباريات.

وتعيش الرياضة النسائية في تونس الكثير من الصعوبات المالية بسبب غياب الدعم من قبل شركات الرعاية والإشهار فضلا عن تخلي الاتحادات الرياضية على اختلافها عن إيلاء الرياضات النسائية في البلاد واستئثار كرة القدم بالنصيب الأكبر من الدعم والاهتمام.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version