مراكش- يعمل المغرب على رعاية وحماية مواهبه الصاعدة في كرة القدم من كل إغراء أو ضغط أو إهمال، خاصة الذين نشؤوا في أندية أوروبية، وذلك تمهيدا لحملهم قميص “أسود الأطلس” في المستقبل وتعزيز صفوفه.
ويؤكد فتحي جمال مدير التكوين في الاتحاد المغربي لكرة القدم للجزيرة نت أن حماية هذه المواهب ترتكز على أمور أساسية، تبدأ بالتعرف عليهم في الملاعب وتتتبع أدائهم عبر تحليل قاعدة واسعة من البيانات، ثم التواصل المستمر معهم ومع أسرهم لتعزيز الانتماء للوطن، علاوة على توفير ظروف عمل احترافية تعزز رغبتهم في اختيار المغرب وتعززها النتائج التي يحققها المنتخب المغربي.
مكتشفو المواهب
توجد في الملاعب الأوروبية مواهب مغربية صاعدة تتابع من “مكتشفي المواهب” الذين تربطهم باتحاد الكرة المغربي عقود احترافية.
ويقول فتحي جمال إن هذا العمل يقوده داخل الإدارة التقنية البلجيكي روي بيترس بمساعدة سعيد شهيد المكلف بتحليل البيانات (الداتا)، لأن استعمال هذه التقنيات المتطورة لا يترك مجالا لإهمال أي موهبة.
ويشير الصحفي المتخصص في الشأن الرياضي يونس الخراشي للجزيرة نت إلى أن فتح الباب لزيارة عدد من المنشآت الرياضية البارزة، والتعريف بمسارات اللاعبين المحترفين السابقين أثمرا على مدار سنوات استجابة عدد من المواهب الكروية البارزة، مما أسهم في اختيار الصغار والشباب القميص الوطني، تعبيرا منهم عن ارتباطهم الوثيق ببلدهم وثقافتهم.
دور الأسرة
وتتابَع هذه المواهب منذ الصغر، ومنهم من يصل إلى النجومية في وقت مبكر وتسلط عليه الأضواء.
ويقول محمد الخنوس والد النجم المغربي الصاعد بلال الخنوس للجزيرة نت إن ابنه لم يتردد في اختيار المغرب في سن 18 سنة، علما أنه تدرج في منتخب بلجيكا للفئات السنية أقل من 15 و16 و18 سنة.
ويضيف أن بلال اختار ما أملاه عليه قلبه، وأن الأسرة كانت دائمة تتابع مسيرته الكروية منذ الصغر مع تقديم الدعم المعنوي وتوفير العوامل المادية ومصاحبته في التنقلات، مشيرا إلى لاعبين مميزين مثل حكيم زياش وأشرف حكيمي قدموا له مثالا جيدا.
وفي السياق ذاته، يكشف المدرب الوطني حسن مؤمن للجزيرة نت عن سفره سابقا للقاء والد اللاعب نور الدين أمرابط في هولندا بصفته متطوعا لتتبع المواهب آنذاك، والذي قبل على الفور، وقال “خذوا أيضا سفيان إنه شغوف وقوي وله قلب أسد مثل أخيه”.
ويضيف أن التواصل المستمر مع أسر اللاعبين، بل والاحتفاء بأمهاتهم في مونديال قطر 2022 واستقبالهن بالقصر الملكي رسالة جميلة محفزة لكل لاعب يتردد في الاختيار.
ضغوط وابتزاز وتهميش
وفي حالات سابقة لبى لاعبون مثل حكيم زياش ونصير مزراوي وأشرف حكيمي نداء الدم والهوية واختاروا المغرب بدل بلد المنشأ.
ويوضح الصحفي الخراشي أن اللاعبين يرتبطون مع بلادهم بالدم والثقافة والجذور، فضلا عن أشياء أخرى كثيرة لا يمكنها أن تندثر أو تنمحي لأنهم ولدوا في أرض أخرى فقط.
لكن ذلك قد لا يكفي كما يؤكد حسن مؤمن، فعامل النشأة في بلاد المهجر والطموح لحمل قميص منتخب أوروبي يرفع قيمة اللاعب السوقية وفي بورصة الانتقالات له دور أيضا، وكثيرا ما يخضع فيها اللاعبون المغاربة الموهوبون للضغط، بل للابتزاز والتهميش أحيانا كلما ظهر أنهم يميلون إلى حمل قميص بلدهم الأصلي حين لا تنفع معهم الإغراءات.
بدوره، يضيف المدرب الوطني حسن بنعبيشة (مدرب سابق لمنتخب أقل من 21 وأقل من 23 سنة) للجزيرة نت أن الأندية الأوروبية تمنع اللاعبين الموهوبين من اللعب لصالح المغرب عندما تكون المباريات الرسمية خارج تواريخ الفيفا، وهو ما ضيع على المغرب فرصا كثيرة للتأهل إلى ملتقيات دولية كما حدث في أولمبياد ريو 2016.
إغراءات
وهناك من يقول إن الإغراءات تكون حاسمة في اختيار اللاعبين، سواء من البلد الأصلي أو بلد المنشأ، كما تتحجج الأندية الأوروبية بحقها في استغلال نتائج مدارس تكوينها، إذ تعتبر أن حملهم قميص منتخب بلد المنشأ يزيد قيمتهم في سوق الانتقالات وبالتالي تحقيق أرباح إضافية.
لكن حسن مؤمن يرد بأن حجج هذه الأندية واهية ما دام “الفيفا” يضمن لهم حقوق التكوين والإعارة والانتقال إلى فرق أخرى.
بدوره، يوضح والد بلال الخنوس أن المال هو آخر ما يفكر فيه من نشأ على حب الوطن، مشيرا إلى أن بلال كان يتابعه عدد من المكتشفين ويقدمون له وعودا وإغراءات.
ومن جانب آخر، قد يصدم البعض وهو يرى لاعبين مميزين من أصل مغربي يختارون بلد المنشأ كما هو الحال مع الموهبة الفذة الأمين جمال الذي يلعب لإسبانيا (أقل من 17 سنة).
ويلاحظ مؤمن أن مسؤولي اتحاد الكرة يتأنون قبل النداء على موهبة جديدة ما داموا قادرين على أن يغيروا جواز سفرهم الكروي في ما بعد حسب قوانين الفيفا.
أما مدير التكوين في الاتحاد المغربي فتحي جمال فينفي تقديم المغرب أي إغراءات مادية لحماية موهبة صاعدة، مبينا أن اتحاد الكرة يترك حق الاختيار لكل لاعب، لكن على أساس ألا يكون المغرب ثانيا بعد التعرض للخذلان من قبل منتخب أوروبي.