قد يرى كثير من المحللين والمتابعين أن آبل تأخرت في دخول سباق الذكاء الاصطناعي، لكنها قررت أخيرا الإعلان عن بداية دخولها السباق في الكلمة الافتتاحية لمؤتمر المطورين السنوي، وأعلنت عن مجموعة من الميزات الجديدة القادمة لأجهزتها التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

ووصف تيم كوك نهج آبل في هذا المجال بأنه ذكاء اصطناعي “خاص بك ويفهم احتياجاتك”، وأطلقت عليه الشركة -كعادتها- مصطلحا خاصا بها وهو “ذكاء آبل” (Apple Intelligence).

كما ذكرت الشركة أن عمليات معالجة الذكاء الاصطناعي ستحدث داخل الجهاز نفسه لضمان الحفاظ على خصوصية المستخدم، مما يتطلب شريحة معالجة “إيه 17 برو” أو شريحة من سلسلة معالجات “إم”. وعند الحاجة إلى الوصول إلى الحوسبة السحابية، ستنتقل البيانات إلى “سحابة خاصة”، مما يضمن عدم تخزينها على خوادم الشركة وستحدث عمليات تحقق مستقلة من خبراء للتأكد من ادعاءات الشركة المتعلقة بخصوصية البيانات.

وكذلك أكدت آبل صفقتها مع شركة أوبن إيه آي، إذ سيتوفر روبوت المحادثة “شات جي بي تي”، المعتمد على نموذج “جي بي تي 4 أو”، بأنظمة التشغيل “آي أو إس” و”ماك أو إس” و”آيباد أو إس” لاحقا هذا العام، إذ يمكن للمساعد الرقمي “سيري” اللجوء إليه عندما لا يتمكن من تنفيذ ما يطلبه المستخدم.

وعندما يفعل هذا، تذكر آبل أنه سيطلب إذن المستخدم أولا. كما أكدت الشركة أنها ستبدأ بأفضل روبوت محادثة الآن، لكنها ستدعم نماذج أخرى من الذكاء الاصطناعي في المستقبل.

لكن الهدف بالنسبة لآبل من وراء تلك التقنيات الجديدة ليس مجرد دخول هذا السباق، لكنه طموح أكبر لبيع مزيد من هواتف آيفون، كما أشار بعض الخبراء والمحللين في تقرير نشرته رويترز.

طموح أكبر

تواجه شركة آبل إنفاقا استهلاكيا مضطربا ومنافسين صاعدين بقوة في مجال التقنية، لذا تطلعت الشركة إلى الذكاء الاصطناعي لتنشيط قاعدة عملائها المخلصين الذين يزيد عددهم عن مليار عميل ولتتدارك تراجع مبيعات منتجها الأكثر مبيعا، وهو هاتف الآيفون، كما أشار تقرير رويترز.

وأظهر أحدث تقرير سنوي للشركة أن عائدات آبل من هواتف آيفون للسنة المالية المنتهية في سبتمبر/أيلول 2023 بلغت 200.6 مليار دولار، بانخفاض عن العام السابق الذي بلغت فيه العائدات 205.5 مليارات دولار، وفقا لرويترز.

تشغيل تلك التقنيات الجديدة على الأجهزة مباشرة يعني أنها ستعمل على هواتف “آيفون 15 برو” و”برو ماكس”، وقد يشجع هذا الأمر محبي هواتف آبل على موجة جديدة من ترقية هواتفهم، وفقا لآراء عدد من المحللين في المجال.

وتوقع بعضهم أن تكون أكبر دورة لترقية الهواتف في الخريف القادم منذ إصدار آبل لهاتف “آيفون 12” عام 2020، الذي جذب العملاء جزئيا بفضل تقنية الاتصال بشبكة الجيل الخامس. وقال المحلل جيل لوريا من شركة دي إيه ديفيدسون -في تصريح نشرته رويترز- “ما رأيناه في فعالية آبل كان مقنعا أكثر من أي شيء رأيناه منذ ذلك الحين”.

ومن وجهة نظر دان آيفز، المحلل في شركة ويدبوش للأوراق المالية، فإن ذلك يمثل بالنسبة لآبل فرصة هائلة، إذ قدّر أن نحو 270 مليون جهاز آيفون لم تحصل على ترقية منذ 4 سنوات.

وصرح آيفز لرويترز “نقدر أن أكثر من 15% من قاعدة مستخدمي آبل الثابتة سيرقون هواتفهم إلى آيفون 16، لأن ذكاء آبل هو التطبيق القاتل الذي ينتظره كثيرون”. ومن المتوقع أن تصدر سلسلة هواتف “آيفون 16” الخريف القادم.

كما ذكر جين مونستر، الشريك الإداري في شركة ديب ووتر لإدارة الأصول، أن ثمة ميزة أخرى في ما تقدمه آبل وهي سهولة التكامل مع “شات جي بي تي”، وذكر: “إنهم يتخلصون فعلا من العقبات التي تحول دون استخدام الذكاء الاصطناعي”.

نظرة متشككة

لكن على الجهة المقابلة، أعرب بعض المحللين عن تشكّكهم في هذا الأمر، وتوقعوا ألا يتسابق العملاء إلى متاجر آبل لاقتناء أجهزة تعمل بالذكاء الاصطناعي. وذكر المحلل ديبانجان تشاترجي من شركة فورستر: “ربما يوجد ما يكفي في أجهزة أبل الجديدة والمحسّنة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لإيقاف نزيف بعض إيرادات الأجهزة الذي كان يحدث مؤخرا، ولكن لا يوجد ما يكفي لتشكيل فئة جديدة من العملاء”.

وكان سهم الشركة قد تراجع بنسبة 2% عقب إعلان آبل عن التقنيات الجديدة وفقا لتقرير رويترز، ليذكر المحلل تيجاس ديساي من شركة غلوبال إكس: “من الواضح أن المستثمرين يرغبون في إستراتيجية أكثر شمولا وطموحا من آبل حين يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي”.

كما تروج آبل لفكرة الحفاظ على الخصوصية ضمن حزمة تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ ذكرت أن ذكاء آبل “مدمج في صميم جهازك الآيفون والآيباد والماك عبر المعالجة داخل الجهاز نفسه”. لكن في الحالات التي يتعذر فيها على هاتف آيفون معالجة أنشطة المستخدم أو استفساراته على هاتفه، فإن ذكاء آبل سيرسل بيانات المستخدم إلى أحد خوادم الشركة، الذي سيحافظ على البيانات الشخصية لهذا المستخدم.

وهو ما يطرح السؤال: إن كانت آبل تخطط فعلا لنقل بعض عمليات المعالجة إلى السحابة الخاصة بها، ألا يمكن لهاتف آيفون الأقدم قليلا، مثل آيفون 14 برو الذي يعمل بشريحة معالجة أقدم، أن يحظى أيضا بميزات الذكاء الاصطناعي؟

وفي هذا السياق، يذكر مايكل غارتنبرغ، محلل تكنولوجيا المستهلكين في شركة فلاش للاستشارات والأبحاث الذي عمل سابقا في شركة آبل، لموقع وايرد: “لا أعرف تقنيا في هذه المرحلة إذا ما كانت شركة آبل مخادعة بشأن الأجهزة التي يمكنها تشغيل تلك التقنيات. ولكني أعرف أن أجهزة آيفون بإمكانها تشغيل شات جي بي تي وكثير من ميزات الذكاء الاصطناعي من غوغل، لذا أشك أن تكون تلك هي الفرصة التي تنتظرها آبل لتخبرك أن آيفون 13 لم يعد جيدا بما فيه الكفاية”.

كما يذكر غارتنبرغ أن السؤال الآخر الذي يطرحه تقديم ذكاء آبل، والمتعلق بمبيعات آيفون، هو: “هل يمنح هذا للمستهلكين سببا لعدم شراء آيفون قبل الخريف القادم، مما يوقف دورة شراء آيفون الحالية؟”.

وذلك على افتراض أن العملاء يرغبون في ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي من الأساس، إذ تشير نتائج استطلاع مركز “بيو” (Pew) إلى أن المستهلكين الأميركيين يشعرون بالقلق أكثر من تحمسهم للذكاء الاصطناعي التوليدي، وفقا لموقع وايرد.

ونظرا لأن ذكاء آبل سيتوفر باللغة الإنجليزية الأميركية فقط في البداية، من المستبعد أن يعزز مبيعات آيفون في دول أخرى على الفور، مثل الصين وهي من أهم أسواق آبل في مبيعات آيفون، إلا إذا أجرت آبل بعض “التحسينات المستقبلية” المهمة، كما تشير كارولينا ميلانيسي، مؤسسة شركة الأبحاث “هارت أوف تيك”، وفقا لموقع وايرد.

لكن على كل الأحوال، سننتظر إلى الخريف القادم، عندما تصدر سلسلة هواتف آيفون 16، حتى نرى كيف ستؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي على مبيعات هواتف آيفون.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version