وقال الباوندي، خلال لقاءه بالطلبة “إن الحياة فيها الكثير من الأمور الرائعة التي علينا الاستمتاع بها”، وأضاف ” في الرابع من أكتوبر من السنة الماضية كنت شخصية غير معروفة ثم حوّل اتصال هاتفي بسيط حياتي كليا حتى أن ما حصل معي أشبه بقصة حب من أول نظرة تحصلت على جائزة نوبل وأصبحت شخصية مشهورة وها أنا اليوم محاط بالصحفيين، لم أتوقع أن تتطور الأمور بهذا الشكل وقد منحتني جائزة نوبل الفرصة لزيارة عدد من البلدان من بينها تونس مما يحملني مسؤولية كبيرة لإعطاء الأمل للشباب”.
وكشف الباوندي، خلال محاضرة علميّة أمام الطلاب والباحثين والأساتذة في جامعة المنار، عن وصفته للنجاح والتميز المتعلقة بخمسة التزامات تبدأ بالعمل الدؤوب والشغف والفضول والتعطش للمعرفة، ثم التحلي بالمرونة وعدم الاستسلام ومواصلة التعلم مع الحرص على الاستمتاع بالحياة.
وأكد باوندي أنه خاض مسيرة علميّة عالميّة تراوحت بين الإخفاق والنجاح، لكنه حافظ على روح المبادرة وحبّ الاطّلاع ولم يتسرب له اليأس كما شدد على أهميّة منح الكثير من الوقت للباحث حتى ينجز أبحاثه في كنف الأريحيّة، لافتا إلى أنّ الباحثين في أميركا يتمتعون بكثير من الوقت للقيام ببحوثهم.
العلوم ليست مباراة رياضة ولا تخضع للتنافس
وقدم منجي باوندي ضمن محاضرته نبذة عن مساره العلمي وعن بحوثه في مختبر الكيمياء الذي أنشأه بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا وعن الاكتشافات التي تضمنها بحثه المتحصل على جائزة نوبل للكيمياء في أكتوبر 2023 بمشاركة الأستاذين الأميركي لوسي بروس والروسي ألكسي إكيموف.
وأوضح أنه سعى عبر إسهاماته العلمية إلى اكتشاف وتطوير تكنولوجيا البلورات النانوية المُصنّعة كيميائيا والتي تعدّ من الخصائص الأساسية لتصميم أجهزة دقيقة تمكّن من تطوير طرق فحص الخصائص الديناميكية للبنية الإلكترونية للنقاط الكمومية في نطاقات زمنية متناهية الصغر وهو اكتشاف يساعد على إنشاء بلورات نانوية “ذكية” تستشعر التحليلات لتقديم تقرير عن الرقم الهيدروجيني للمادة.
وأشار العالم إلى أن الإسهامات العلمية التي قدمها يمكن توظيفها في البيولوجيا والطب وضمن مجالات مختلفة خاصة وأنه يملك في رصيده أكثر من 300 ورقة بحثية جعلت منه مرجعا عالميا في العلوم الكيميائية والكيمياء النانوية الدقيقة.
وقال باوندي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية “التقيت في تونس أجيال علمية مختلفة وأشدد على أهمية التعاون والتكاتف بين أجيال الباحثين وتبادل التجارب والعمل الجماعي، لأن الاهتمام بالعلوم يجب أن يتحول إلى ثقافة كونية والتزام اجتماعي وإنساني”.
وأضاف “على الناس أن تعمل سويا لتطوير العلوم فهي ليست رياضة بفرق متنافسة، بل مشروع جماعي لفائدة الإنسانية، كما أنصح دائما بالتحلي بالصبر والثقة في أفكارنا حتى وإن كانت غير متداولة لأنها ستصبح في وقت ما على غاية الأهمية”.
باوندي يحاضر في المدرج الذي درّس فيه والده
وعبّر صاحب نوبل للكيمياء عن سعادته بالقدوم إلى تونس وزيارة عائلته ثم تقديمه لمحاضرته الأولى فيها في جامعة المنار وتحديدا في المدرج الذي كان يدرس فيه والده وقد زاره وهو طفل وتجول بين مدارجه وفق تعبيره.
وكان الكيميائي التونسي الأميركي منجي باوندي، ابن عالم الرياضيات محمد صالح الباوندي، قد قضى طفولته بين فرنسا وتونس قبل أن يقرر والده الهجرة إلى الولايات المتحدة والاستقرار فيها، وهناك حصل على شهادة الماجستير في الكيمياء من جامعة هارفارد والدكتوراه من جامعة شيكاغو.
من جهتها توجهت جامعة تونس المنار بالشكر لمنجي الباوندي على قبوله إنشاء برامج تعاون علمي مشترك بين الجامعة ومختبر الكيمياء بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا وقدمت له شهادة أستاذ شرفي وميدالية جامعة تونس المنار وذلك خلال الدورة الأولى لمهرجان الهندسة والعلوم والتكنولوجيا الذي نظمته جمعية قدماء خريجي المدرسة التونسية للمهندسين.
الجدير بالذكر أن الرئيس قيس سعيّد، استقبل الباوندي بقصر قرطاج ومنحه الصنف الأول من وسام الجمهورية ودعا بالمناسبة إلى توفير كل الظروف الملائمة للتونسيين والتونسيات حتى يرتقوا إلى أعلى المراتب العلمية.