وكان قرار بايدن في الأسبوع الماضي المرة الأولى التي يحجب فيها مساعدات عسكرية أميركية عن إسرائيل منذ أن بدأت الهجوم على غزة قبل سبعة أشهر لملاحقة مقاتلي حركة حماس. واتهم الجمهوريون وبعض الديمقراطيين بايدن بتعريض أمن أقرب حليف للولايات المتحدة في المنطقة للخطر.
ويقول كثيرون إن القرار جاء متأخرا ولن يرضي ائتلاف الناخبين الشباب والملونين أصحاب الميول اليسارية الذين قادوا الاحتجاجات ضد الهجمات الإسرائيلية.
واجتاحت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولاحقت بايدن في مناسبات خاصة، ودفعت الديمقراطيين في ولايات رئيسية في الانتخابات إلى التصويت في الانتخابات التمهيدية “بغير ملتزم” للتعبير عن استيائهم مع ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 35 ألف شخص.
وقالت ستيفاني فوكس المديرة التنفيذية لمنظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” التي تشارك في الاحتجاجات التي تعم البلاد ومن بينها احتجاجات الجامعات “نرحب بتصريحات بايدن وبهذه الإشارة إلى تحمل مسؤولية تواطؤ الولايات المتحدة في هذه الجرائم”.
وأضافت “لو كانت تصريحاته تعنى أكثر من (مجرد) تعليق (شحنات الأسلحة) لمرة واحدة، فينبغي أن يكون هذا بداية لتغيير جذري في السياسة الأميركية”.
ويطالب المحتجون بتعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل، ووقف دائم لإطلاق النار في غزة، وسحب استثمارات الجامعات من الشركات التي تدعم تصرفات إسرائيل في غزة. وشنت إسرائيل هجومها على القطاع ردا على هجوم مقاتلي حماس عليها في السابع من أكتوبر مما أسفر عن مقتل 1200 شخص.
وقالت ميديا بنجامين المؤسس المشارك لمجموعة كود بينك التي تشارك أيضا في الاحتجاجات “أعتقد أن تصريحات بايدن أمس تحرك الأمور… لكننا لا نعرف ما إذا كانت هذه خطوة دعائية في محاولة لتهدئة بعض معارضيه بشأن هذه القضية أم أنها خطوة حقيقية لأنه قال أيضا إن دعمه لإسرائيل ثابت لا يتزعزع”.
وأضافت “سنواصل الاحتجاجات”.
ودعا بايدن إلى وقف مؤقت لإطلاق النار وقال إنه يدعم حل الدولتين في نهاية المطاف. ورغم تزايد انتقاداته للحكومة الإسرائيلية، لا تزال شحنات أسلحة أخرى بمليارات الدولارات في طريقها لإسرائيل.
ونقلت القوات الإسرائيلية حربها البرية مع المقاتلين الفلسطينيين إلى مدينة رفح الجمعة، في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من أن المساعدات المقدمة لقطاع غزة المدمر قد تتوقف خلال أيام.
إسرائيل القضية الأهم بالنسبة لمجموعة صغيرة
عقد ستانلي جرينبرج، منظم استطلاعات الرأي المخضرم الذي عمل مع كبار الديمقراطيين الأميركيين ومع الإسرائيليين، نقاشا مع “مجموعة تركيز” يوم الأربعاء ضمت ناخبين تقل أعمارهم عن 45 عاما، وكانت غزة واحدة من أهم القضايا التي أثيرت بعد ارتفاع الأسعار.
وقال عن الوضع في غزة “لقد كان (الموضوع) على رأس أولوياتهم. وعند سؤالهم عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمادت في دعم إسرائيل، أجابت الأغلبية بنعم”.
ويعتقد بعض منظمي استطلاعات الرأي وحملة بايدن الانتخابية لفترة رئاسية جديدة أن هذه القضية ليس لها صدى إلا عند مجموعة صغيرة من الأفراد.
وقال باتريك موراي، مدير معهد الاستطلاعات في جامعة مونماوث “إنها (قضية غزة) أمر مهم للغاية بالنسبة لبعض الأفراد، لكنهم يمثلون أقلية بين الناخبين”.
وقال مصدر مطلع على تفكير حملة بايدن الرئاسية إنها تستند في رسائلها على الخبرة التي يتمتع بها الرئيس في الأمور الدبلوماسية وعزمه اتخاذ قرارات صعبة وضرورية بغض النظر عن استطلاعات الرأي.
وتظهر استطلاعات الرأي أن تأييد الأميركيين لإرسال مساعدات عسكرية لإسرائيل انخفض في الأشهر الماضية، كما تراجع دعم الناخبين الشبان لبايدن.
وعانى بايدن من ضعف مستوى القبول بين الأميركيين لأدائه خلال معظم فترة ولايته في بلد يتزايد فيه الانقسام بصورة حادة.
ويقول محللون إن الهامش الذي يتفوق به بايدن في بعض الولايات الرئيسية ضئيل، وإن خسارته الانتخابات لا تحتاج سوى تراجع بسيط جدا في التأييد بين الناخبين الذين دعموه في عام 2020.
ووصف وليد شهيد، مستشار حركة “غير ملتزم” التي تطلب من الناخبين اختيار مرشح آخر في الانتخابات التمهيدية بالولايات، قرار بايدن تعليق إرسال أسلحة لإسرائيل بأنه “خطوة صغيرة إلى الأمام” وقال إن القرار يظهر أن الولايات المتحدة لها نفوذ في تعاملها مع إسرائيل.
وأضاف شهيد، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي “لحين اتخاذ إجراءات لوقف بيع الأسلحة للحرب التي يشنها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، سيظل كثيرون من قاعدة بايدن ومن أعضاء الحزب الديمقراطي منقسمين بشأن هذه القضية”.
وحثت مجموعات أخرى بايدن على التصرف بشكل أكثر حسما في مواجهة إسرائيل بدلا من البحث عن حل وسط إذا كان يريد عودة تماسك التحالف الديمقراطي مرة أخرى.